فصل: ما جاء في ممر الرجل إلى مائه في أرض غيره

مساءً 2 :59
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
28
الأحد
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في اباق المكاتب والعبد الرهن وهل يجوز بيع الآبق أو عتقه عن ظهاره

قلت‏:‏ أرأيت المكاتب إذا أبق أيكون ذلك فسخا لكتابته أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون ذلك فسخا لكتابته في قول مالك إلا أن يغيب عن نجم من نجومه فيرفعه سيده إلى السلطان فيتلوم له فإن لم يجيء عجزه فإذا عجزه السلطان كان ذلك فسخا لكتابته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت عبدا آبقا أعتقه سيده عن ظهاره أيجزئه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت أن أحدا يقول إن الآبق يجزئ في الظهار ألا ترى أن سيده لا يعلم أحي هو أم ميت أم صحيح أم أعمى أم مقطوع اليد أم الرجل وهذا لا يجزئ في الظهار إلا أن يكون قد عرف موضعه وصحته فيجوز وما سمعت من مالك فيه شيئا أقوم لك على حفظه ولو أعتقه عن ظهاره ثم وجده بعد ذلك بحال صحة على ما يحوز في الظهار أجزأ ذلك وكان كفارة له‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبد الآبق إذا جاء رجل فقال هو عبدي فبعه مني فببيعه منه‏؟‏

قال‏:‏ الآبق إذا عرف عند من هو فباعه منه وقد أخبر السيد بحاله التي حال إليها من صفته أو قيل له هو على صفة ما تعرف جاز البيع فيما بينهما ولا يجوز النقد ان كان بعيدا وهو بمنزلة عبد الرجل يكون غائبا عنه فباعه فهذا وذلك سواء في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ ويحتاج لي معرفة السيد أن يعرف إلى ما صارت صفته عنده كما يحتاج إلى معرفة المشتري كيف صفة العبد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم لان العبد إذا غاب فكبر أو زاد في الصفة أو نقص أو كان أعجميا فتفصح فلا بد من أن يعرف سيده إلى ما حالت إليه حاله فيعرف ما يبيع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أني رهنت عبدا لي عند رجل فأبق منه أيبطل من حقه شيء أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يبطل من حقه شيء والمرتهن مصدق في اباقته في قول مالك ويحلف‏.‏

قلت‏:‏ فإن أبق هذا المرهون فأخذه سيده وقامت الغرماء على السيد أيكون هذا العبد في الرهن في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ هو في الرهن إذا كان قد حازه المرتهن قبل الاباق وليس اباقة بالذي يخرجه من الرهن إلا أن يقبضه سيده ويعلم به المرتهن فيتركه المرتهن في يد السيد الراهن حتى يفلس فهو أسوة الغرماء‏.‏

في الآبق إلى دار الحرب يشتريه رجل مسلم

قلت‏:‏ أرأيت لو أن آبقا أبق من رجل من المسلمين فدخل إلى دار المشركين فدخل رجل من المسلمين بلادهم فاشتراه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يأخذه سيده بالثمن الذي اشتراه به‏.‏

قلت‏:‏ وسواه إن كان سيده أمره بالشراء أو لم يأمره فإنه لا يأخذه منه إلا أن يدفع إليه الثمن الذي اشتراه به في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وعبيد أهل الذمة في هذا وعبيد المسلمين سواء في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم لان مالكا جعل الذمي إذا أسر بمنزلة الحر إذا ظفر به المسلمون ردوه إلى جزيته قال مالك وقع في المقاسم أو لم يقع فإنه يرد إلى جزيته لأنه لم ينقض عهده ولم يحارب فلما جعله مالك بمنزلة المسلم في هذا كان ماله بمنزلة مال المسلمين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن عبدا هرب إلى دار الحرب فدخل رجل فاشتراه من أهل الحرب ثم أعتقه أيجوز عتقه في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم عتقه جائز ولا أرى أن يرد عتقه فإن أراد سيده أن يأخذه بالثمن فليس ذلك له وليس هو بمنزلة رجل اشترى عبدا في سوق المسلمين ولا يعلم أن له سيدا غير الذي باعه فأعتقه فأتى سيده فاستحقه أنه يأخذه لأن هذا يأخذه بغير ثمن والذي اشترى من العدو لا يأخذه إلا بثمن وكان مخيرا فيه فالعتق أولى به لأنه لا يدري ان كان يأخذه سيده أم لا‏؟‏ قلت‏:‏ وكذلك ان كان هذا الذي اشترى من دار الحرب جارية فوطئها فولدت منه ثم أتى سيدها فاستحقها‏؟‏

قال‏:‏ أرى أنها أم ولد للذي اشتراها في دار الحرب فوطئها وليس لسيدها الاول إليها سبيل وكذلك بلغني عن بعض أهل العلم‏.‏

كتاب حريم الآبار

ما جاء في حريم الآبار والمياه

قال سحنون بن سعيد قلت لابن القاسم هل للبئر حريم عند مالك بئر ماشية أو بئر زرع أو غير ذلك من الآبار‏؟‏

قال‏:‏ لا ليس للآبار عند مالك حريم محدود ولا للعيون إلا ما يضر بها قال مالك ومن الآبار آبار تكون في أرض رخوة وأخرى تكون في أرض صلبة أو في صفا فأتى رجل ليحفر قربها فقام أهلها فقالوا هذا عطن لابلنا إذا وردت ومرابض لاغنامنا وأبقارنا إذا وردت أيمنع الحافر من الحفر في ذلك الموضع وذلك لا يضر بالبئر‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أني أرى أن يمنع من ذلك لأن هذا حق للبئر ولأهل البئر إذا كان يضر بمناخهم فهو كالاضرار بمائهم‏.‏

قلت‏:‏ فإن أراد رجل أن يبني في ذلك الموضع أكان لهم أن يمنعوه كما كان لهم أن يمنعوه من الحفر فيه‏؟‏

قال‏:‏ نعم ولم أسمع هذا من مالك ولكن لما قال مالك إذا كان يضر بالبئر منع من ذلك فهذا كله ضرر بالبئر وأهله‏.‏

في منع أهل الآبار الماء المسافرين

قلت‏:‏ أرأيت لو أن قوما مسافرين وردوا ماء فمنعهم أهل الماء من الشرب أيجاهدونهم في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ينظر في ذلك فإن كان ماؤهم مما يحل لهم بيعه مثل البئر يحفرها الرجل في داره أو في أرضه قد وضعها لذلك يبع ماءها كان لهم أن يمنعوهم إلا بثمن إلا أن يكونوا قوما لا ثمن معهم وإن منعوا إلى أن يبلغوا ماء غيره خيف عليهم فلا يمنعوا وان منعوا جاهدوهم وأما ان لم يكن في ذلك ضرر يخاف عليهم فلم أر أن يأخذوه منهم إلا بثمن‏؟‏

قال‏:‏ وكل بئر كانت من آبار الصدقة مثل بئر المواشي والشفة فلا يمنعون من ذلك بعد ري أهلها فإن منعهم أهل الماء بقدرتهم فقاتلوهم لم يكن عليهم في ذلك حرج لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قال لا يمنع نفع بئر وقال صلى الله عليه وسلم لا يمنع فضل الماء قال ابن القاسم ولو منعوهم الماء حتى مات المسافرون عطشا ولم يكن بالمسافرين قوة على مدافعتهم رأيت أن يكون على عاقلة أهل الماء دياتهم والكفارة عن كل نفس منهم على كل رجل من أهل الماء مع الأدب الموجع من الامام لهم في ذلك‏.‏

في فضل آبار الماشية وفي منع الكلأ

قلت‏:‏ أرأيت الحديث الذي جاء لا يمنع فضل الكلا والناس فيه شركاء هل كان يعرفه مالك أو كان يأخذ به‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يقول في الأرض إذا كانت للرجل فلا بأس أن يمنع كلأها إذا احتاج إليه وإلا فليخل بين الناس وبينه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الحديث الذي جاء لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولا أحسبه إلا في الصحاري والبراري وأما في القرى وفي الارضين التي قد عرفها أهلها واقتسموها وعرف كل انسان حقه فلهذا أن يمنع كلأه عند مالك إذا احتاج إليه‏.‏

في فضل آبار الزرع

قلت‏:‏ أرأيت لو أن لي بئرا أسقي بها أرضي وفي مائي فضل عن أرضي وإلى جانبي أرض لرجل ليس لها ماء فأراد أن يسقي أرضه بفضل مائي فمنعته‏؟‏

قال‏:‏ ليس لصاحب الارض أن يأخذ فضل مائك إلا أن يشتريه منك اشتراء إلا أن يكون لك جار وقد زرع زرعا على بئر له فانهارت بئره فخاف على زرعه الهلاك قبل أن يحيا بئره فهذا الذي يقضي له عليك بأن يشرب فضل مائك ان كان في مائك فضل وإلا فأنت أحق به وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أفيقضي عليه بثمن أو بغير ثمن‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يقضي عليه‏.‏

وذلك عندي بغير ثمن وغيره يقول بثمن‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سألناه عن ماء الاعراب يرد عليهم أهل المواشي يسقون فيمنعهم أهل ذلك الماء فقال مالك أهل ذلك الماء أحق بمائهم حتى يرووا فإن كان فضلا سقي هؤلاء بما يفضل عنهم قال مالك أما سمعت الحديث لا يمنع فضل ماء فإنما هو ما يفضل عنهم ولو كان الناس يشاركونهم ما انتفعوا بمائهم دون غيرهم‏.‏

في فضل ماء بئر الماشية والزرع

قلت‏:‏ فلم قال مالك في بئر الماشية الناس أولى بالفضل وقلت أنت في بئر الزرع ان صاحب البئر أولى بالفضل فما فرق ما بينهما وقد قال مالك أيضا في الذي يغور ماؤه أو بنهار بئره أنه يقضي له بفضل ماء جاره حتى يصلح بئره فلم قلت أنت فيمن زرع ولا بئر له إلى جانب من له بئر وفي مائه فضل لم لا يجعل ما فضل من الماء لهذا الذي زرع إلى جانبه‏؟‏

قال‏:‏ لأن هذا الذي زرع فانهارت بئره إنما زرع على أصل ماء كان له فلما ذهب ماؤه شرب فضل ماء صاحبه لئلا يهلك زرعه لأن النبي صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قال لا ضرر ولا ضرار إلا أنا لما خفنا موت زرعه جعلنا له فضل ماء جاره بمنزلة بئر الماشية أنه يكون للأجنبيين فضلة ماء أهل الماء يسقون بذلك ماشيتهم فكذلك زرع هذه البئر إذا انهارت وإن الذي زرع إلى جانب رجل على غير أصل ماء إنما يريد أن يجتر بذلك فضل ماء جاره فهذا مضار فليس ذلك له إلا أن يشتري ألا ترى أن البئر يكون بين الرجلين أو العين فتنهار أو تنقطع العين فيعملها أحدهما ويأبى الآخر أن يعمل فلا يكون للذي لم يعمل من الماء قليل ولا كثير وإن كان فيه فضل ولا يسقى به أرضه إلا أن يعطي شريكه نصف ما أنفق وهذا قول مالك فهذا يدلك على أن الذي زرع على غير أصل ماء لا يجبر جاره على أن يسقيه بغير ثمن‏.‏

في بيع شرب يوم أو يومين

قلت‏:‏ أرأيت ان اشتريت شرب يوم أو يومين بغير أصله إلا أني اشتريت الشرب يوما أو يومين والأصل لرب الماء‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ذلك جائز‏.‏

قلت‏:‏ فإن اشتريت أصل شرب يوم أو يومين من كل شهر أيجوز هذا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان اشتريت شرب يوم من كل شهر بغير أرض من قناة أو من بئر أو من عين أو من نهر أيجوز ذلك أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ذلك جائز‏؟‏

قال‏:‏ وهذا الذي قال مالك لا شفعة فيه لأنه ليس معه أرض‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا قسمت الارض وترك الماء فباع أحدهم نصيبه الذي صار له من أرضه بغير ماء ثم باع نصيبه بعد ذلك من الماء فإن مالكا قال لي هذا الماء لا شفعة فيه والارض أيضا لا شفعة فيها وإنما الشفعة في الماء إذا كانت الارض بين النفر لم يقتسموها فباع أحدهم ماءه بغير أرضه فقال مالك ففي هذا الشفعة إذا كانت الارض لم تقسم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن باع أحدهم حصته من الماء ثم باع آخر بعده حصته من الماء أيضرب البائع الاول معهم في الماء بحصته من الارض‏؟‏

قال‏:‏ لا وكذلك لو باع حصته من الارض وترك حصته من الماء ثم باع بعد ذلك بعض شركائه حصته من الارض لم يكن له فيها شفعة لمكان ما بقي له في الماء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن قوما اقتسموا أرضا وكان بينهم ماء يسقون به وكان لهم شركاء في ذلك الماء فباع أحد من أولئك الذين لهم الماء حصته من الماء أيضرب مع شركائه في الشفعة بحصته من الارض‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

في الرجل يسوق عينه إلى أرضه في أرض رجل

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا له ماء وراء أرضي وأرضه دون أرضي فأراد أن يجري ماءه إلى أرضه في أرضي فمنعته‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ذلك لك قال وقال مالك وليس العمل على حديث عمر بن الخطاب في هذا‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سئل مالك عن الرجل يكون له مجرى ماء في أرض رجل فأراد أن يحوله في أرض ذلك الرجل إلى موضع هو أقرب من ذلك المجرى إلى أرضه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ليس ذلك له وليس له أن يحوله عن موضعه قال مالك وليس العمل على حديث عمر بن الخطاب‏؟‏

قال‏:‏ وإنما جاء حديث عمر بن الخطاب في هذا بعينه أنه كان له مجرى في أرض رجل فأراد أن يحوله إلى موضع آخر هو أقرب إلى أرضه من ذلك الموضع فأبى عليه الرجل فأمره عمر بن الخطاب أن يجريه‏.‏

ما جاء في اكتراء الارض بالماء

قلت‏:‏ أرأيت ان اكتريت منك شرب يوم في كل شهر في هذه السنة من قناتك هذه بأرضي هذه تزرعها سنتك هذه‏؟‏

قال‏:‏ لا بأس بهذا لأنه لو أكراه أرضه بدين لم يكن بذلك بأس فكذلك إذا أكراها بشرب يوم من القناة في كل شهر‏.‏

في العين والبئر بين الشركاء يقل ماؤهما

قلت‏:‏ أرأيت إن كانت قناة بيننا ونحن أشراك فاحتاجت القناة إلى الكنس فقال بعضنا نكنس وقال بعضنا لا نكنس وفي ترك الكنس الضرر بالماء وانتقاص ما حالهم‏؟‏

قال‏:‏ ان كان في مائهم ما يكفيهم أمر الذين يريدون الكنس كان لمن أرادوا الكنس أن يكنسوا ويكون لهم فضل الماء الذي زاد بالكنس دون الذين لم يكنسوا وذلك اني سمعت مالكا وسئل عن قوم بينهم ماء فقل ماؤهم فكان لاحدهم نخل يسيرة فقال الذي له هذه النخل اليسيرة في مائي ما يكفيني ولا أعمل معكم قال مالك يقال للآخرين اعملوا فما جاء من فضل ماء عن قدر ما كان له كان لكم أن تمنعوه إلا أن يعطيكم حصته من النفقة ويكون له من فضل الماء على قدر حصته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت بئر الماشية إذا قل ماؤها فقال بعضهم نكنس وقال بعضهم لا نكنس‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه مثل بئر الزرع ان الذين كنسوا أولى بفضل ما زاد الكنس في الماء حتى يرووا فإذا رووا كان شركاؤهم الذين أبوا الكنس والاجنبيون في ذلك سواء حتى يعطوهم ما كان يصيبهم من النفقة فإن أعطوهم كانوا شركاء في جميع الماء على قدر ما كان لهم من الماء ثم الناس في الفضل شرعا سواء وليس لهم أن يمنعوا الناس من الفضل وأما ما كان من الماء قبل الكنس فهم كلهم فيه شرعا سواء على قدر حظوظهم‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك ولا شفعة في بئر ماشية ولا تباع وقال مالك في بئر الزرع فيها الشفعة إذا لم تقسم الارض‏.‏

في بئر الماشية إذا بيعت وبئر الزرع وفيما أفسد الماء أو النار من الأرض

قلت‏:‏ أيصلح بيع بئر الماشية في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا تباع بئر الماشية وان احتاج أهلها إلى بيعها ولا بأس ببيع بئر الزرع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أني أرسلت مائي في أرضي فخرج الماء من أرضي إلى أرض جاري فأفسد زرعه وما في أرضه أيكون علي شيء أم لا‏؟‏ أو أرسلت النار في أرضي فأحرقت ما كان في أرض جاري أيكون علي شيء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أخبرني بعض أصحابنا عن مالك أنه قال إذا أرسل النار في أرضه وذلك عند الناس أنه إذا أرسل النار في أرضه كانت أرض جاره مأمونة من هذه النار بعيدة منها فتحاملت هذه النار أو حملتها الريح فأسقطتها في أرض جاره هذا فأحرقت فلا شيء على الذي أرسل النار وإن كانت النار إذا أرسلها في أرضه علم إن ارض جاره لا تسلم من هذه النار لقربها فهو ضامن فكذلك الماء هو مثل النار وهو رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان أحرقت هذه النار ناسا أيكون ذلك في مال الذي أرسل النار أم على عاقلته‏؟‏

قال‏:‏ على عاقلته‏.‏

ما جاء في ممر الرجل إلى مائه في أرض غيره

قلت‏:‏ أرأيت لو أن لي أرضا وإلى جانب أرضي أرض لغيري وعين لي خلف أرض جاري وليس لي ممر إلا في أرض جاري فمنعني من الممر إلى العين‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يقول وسئل عن رجل له أرض وحواليه زرع للناس في أرضهم فأراد صاحب تلك الارض أن يمر بماشيته إلى أرضه في زرع القوم‏؟‏

قال‏:‏ ان كان ذلك يفسد زرعهم فلهم أن يمنعوه‏.‏

في بيع صيد السمك من غدير الرجل أو من أرضه

قلت‏:‏ أرأيت ان كان في أرضي غدير فيه سمك أو عين لي فيها السمك فأردت أن أمنع الناس من أن يصيدوا ذلك‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن بحيرات تكون عندنا بمصر لأهل قرى يبيعون سمكها ممن يصيد فيها سنة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يعجبني أن يبيعوها لأنها تقل وتكثر ولا يدري كيف تكون ولا أحب لأحد من أهل البحيرات أو البرك أن يمنعوا أحدا يصيد فيها ممن ليس له فيها حق‏.‏

ما جاء في بيع الخصب والكلا

قلت‏:‏ أرأيت لو أن لي خصبا في أرض أيصلح لي أن أبيعه ممن يرعاه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم قال مالك لا بأس به أن يبيعه عامه ذلك ولا يبيعه عامين ولا ثلاثة‏.‏

قلت‏:‏ وإنما جوز مالك بيعه بعد ما ينبت‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

ما جاء في احياء الموات

قلت‏:‏ أرأيت من أحيا أرضا ميتة بغير أمر الامام أتكون له أم لا‏؟‏ تكون له حتى يأذن له الامام في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا أحياها فهي له وان لم يستأذن الامام قال مالك واحياؤها شق العيون وحفر الآبار وغرس الشجر وبناء البنيان والحرث فإذا فعل شيئا من ذلك فقد أحياها‏؟‏

قال‏:‏ ولا يكون له أن يحيى ما قرب من العمران وإنما تفسير الحديث من أحيا أرضا مواتا إنما ذلك في الصحاري والبراري فأما ما قرب من العمران وما يتساح الناس فيه فإن ذلك لا يكون له أن يحببه إلا بقطيعة من الامام‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت مالكا هل كان يعرف هذا الذي يتحجر الارض أنه يترك ثلاث سنين فإن أحياها وإلا فهي لمن أحياها‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك في التحجير شيئا وإنما الاحياء عند مالك ما وصفت لك قال مالك ولو أن رجلا أحيا أرضا مواتا ثم أسلمها بعد حتى تهدمت آبارها وهلكت أشجارها وطال زمانها حتى عفت بحال ما وصفت لك وصارت إلى حالها الاول ثم أحياها آخر بعده كانت لمن أحياها بمنزلة الذي أحياها أول مرة قال ابن القاسم وإنما قول مالك في هذا لمن أحيا في غير أصل كان له فأما أصول الأرضين إذا كانت للناس تخطط أو تشري فهي لأهلها وان أسلمت فليس لأحد أن يحييها وهو تأويل حديث حميد بن قيس الذي ذكره عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن قوما أتوا أرضا من أرض البرية فنزلوا فجعلوا يرعون ما حولهم أيكون هذا احياء‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون هذا إحياء‏.‏

قلت‏:‏ فإن حفروا بئرا لماشيتهم أيكون هذا احياء لمراعيهم‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى أن يكون هذا احياء وهم أحق بمائهم حتى يرووا ثم يكون فضله للناس وهم والناس في المرعى سواء ألا ترى أنه قد جاء في الحديث أنه لا يمنع فضل ماء ليمنع به الكلأ فالكلأ لا يمنعه إلا رجل له أرض قد عرفت له فهذا الذي يمنع كلأها ويبيع كلأها إذا احتاج إليه فيما سمعت من مالك وأما ما ذكرت فلا يكون احياء ولكنهم أولى ببئرهم وليس لهم أن يمنعوها ولا يمنعوا فضل مائها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن أرضا فلاة وقد غلب عليها الماء فسيل رجل ماءها أيكون هذا احياء لها‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا وأراه احياء لها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أتى أرضا وقد غلب عليها الغياض والشجر فقطعه ونقاه أيكون هذا احياء لها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك هذا احياء لها‏.‏

فيمن حفر بئرا إلى جنب بئر جاره

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حفر بئرا بعيدة عن بئر جاره وكان احياها قبل ذلك فانقطع ماء البئر الأولى وعلم أنه إنما انقطع من حفر هذه البئر الثانية أيقضي له على هذا بردم البئر الثانية أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك للرجل أن يمنع ما يضر ببئره فإذا كان له أن يمنع فله أن يقوم على هذا فيردهم البئر التي حفرها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من حفر بئرا في غير ملكه في طريق المسلمين أو حفرها في أرض رجل بغير أمر رب الأرض أو حفرها إلى جنب بئر ماشية وهي تضر ببئر الماشية بغير أمر رب البئر فعطب رجل في تلك البئر أيضمن ما عطب فيها هذا الذي حفرها من دابة أو انسان قال قال مالك من حفر بئرا حيث لا يجوز له فهو ضامن لما عطب فيها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الآبار التي تكون في الدور أيكون لي أن أمنع جارى من أن يحفر في داره بئر أتضر ببئري التي في داري أم لا‏؟‏ قال‏:‏ سمعت مالكا يقول في الرجل تكون له في داره بئر إلى جنب جداره فحفر جاره في داره بئرا إلى جنب جداره من خلفه‏؟‏

قال‏:‏ إن كان ذلك مضرا ببئر جاره منع من ذلك‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو أحدث كنيفا يضر ذلك ببئري منع من ذلك في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو كانت بئري في وسط داري فحفر جاري في وسط داره بئرا يضر ببئري منع من ذلك‏؟‏

قال‏:‏ نعم ووسط الدار وغير وسطها سواء يمنع جاره من أن يحدث في داره بئرا يضر ببئر جاره عند مالك‏.‏

في الرجل يفتح كوة في دار يطل منها على جاره

قلت‏:‏ فلو أن رجلا بنى قصرا إلى جانب داري رفعها علي وفتح فيها أبوابا وكوى يشرف منها على عيالي أو على داري أيكون لي أن أمنعه من ذلك في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم يمنع من ذلك وكذلك بلغني عن مالك قال ابن القاسم وقد قال ذلك عمر بن الخطاب أخبرنا به بن لهيعة أنه كتب إلى عمر بن الخطاب في رجل أحدث غرفة على جاره ففتح عليها كوى فكتب إليه عمر بن الخطاب أن يوضع وراء تلك الكوى سرير ويقوم عليه رجل فإن كان ينظر إلى ما في دار الرجل منع من ذلك وان كان لا ينظر لم يمنع من ذلك وأما مالك فرأى أنه ما كان من ذلك ضررا منع وما كان من ذلك مما لا يتناول النظر إليه لم يمنع من ذلك‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو لم يفتح فيها أبوابا ولا كوى ولكنه منعني الشمس التي كانت تسقط في داري ومنعني الريح التي كانت تهب في داري أيكون لي أن أمنعه من أن يرفع بنيانه إذا كان ذلك مضرا بي في شيء من هذه الوجوه التي سألتك عنها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يمنع من هذا وإنما يمنع إذا أحدث كوى أو أبوابا يشرف منها فهذا الذي يمنع منها ويقال له سدها ولم أسمع من مالك في الريح والشمس شيئا ولا أرى أن يمنع من ذلك‏.‏

ما جاء في قسمة العين

قلت‏:‏ أرأيت لو أن أرضا بين قوم قد عرف كل واحد منهم حصته من الارض ولهم غيرهم فيها شركاء هي شرب لأرضهم أراد أحد أن يصرف شربه إلى أرض له أخرى أيكون ذلك له أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الرجلين تكون بينهما الارض قد اقتسماها ولهما بئر تشرب الارض منها فاقتسما الارض فأراد أحدهما أن يبيع ماءه من رجل يسوقه إلى أرض له أخرى‏؟‏

قال‏:‏ ذلك له ولا شفعة لصاحب البئر فهذا يدلك على أنه إذا أراد أن يسقي بها أرضا أخرى أو يؤاجر الشرب ممن يسقي به أرضا له ان ذلك جائز له‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا غصبني أرضا لي فزرعها أو بئرا فسقي منها أرضه وزرعه أو دورا فسكنها أيكون عليه كراء ما سكن وما زرع من الارض أو ما شرب من الماء في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الارض عليه كراء ما زرع فالدور والبئر عندي بتلك المنزلة عليه كراء ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فلم قلت في الحيوان انه إذا غصب فركب أنه لا كراء عليه‏؟‏

قال‏:‏ كذلك سمعت مالكا يقول‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أني ارتهنت عينا أو قناة أو جزأ من شرب بئر أو جزأ من شرب عين أو جزأ من شرب نهر أيكون لرب البئر أو لرب النهر أو رب العين أو رب القناة أن يكرى ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يكون لرب الارض أن يكريها ولا يكون هذا الذي ذكرت رهنا حتى يقبض فإذا قبض صار رهنا‏.‏

قلت‏:‏ وكيف يكون قبض هذا لهذا الذي سألتك عنه‏؟‏

قال‏:‏ قبضه أن يحوزه ويحول بين صاحبه وبينه فإذا قبضه وحازه صار مقبوضا‏.‏

قلت‏:‏ أفيكون للمرتهن أن يكرى ماء هذه البئر أو ماء هذه العين أو ماء هذه القناة من غير أن يأمره ربها بذلك‏؟‏

قال‏:‏ إن لم يأمره ربها بأن يكرى ترك ولم يكره وإن أمره بذلك أكراه وكان الكراء لرب الارض‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الرجل يرتهن الدار قال مالك فليس لرب الدار أن يكريها ولكن للمرتهن أن يكريها بأمر صاحب الدار ويلي المرتهن الكراء ويكون الكراء لصاحب الدار‏.‏

قلت‏:‏ ولا يكون الكراء رهنا في حقه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يكون رهنا إلا أن يشترطه المرتهن فيكون رهنا مع الدار إذا اشترطه قال مالك وان اشترط أن يكريها ويأخذ كراءها في حقه قال مالك فإن كان دينه ذلك من بيع فلا يجوز شرطه هذا وان كان دينه من قرض فذلك جائز‏.‏

قلت‏:‏ ولم قال مالك إذا كان من بيع لم يكن جائزا‏؟‏

قال‏:‏ لانه لا يدري ما يقبض أيقل أم يكثر ولعل الدار أن تنهدم قبل أن يقتضي‏.‏

قلت‏:‏ فإنما كره مالك هذا إذا كان البائع وقعت صفقته على أن يرتهن هذه الدار أو يكريها ويأخذ حقه من كرائها‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم تقع صفقة البيع على أن أرتهن الدار أو يكريها ويأخذ حقه من كرائها ولكني بعته بيعا ثم ارتهنت منه الدار بعد ذلك فأمرني أن أكريها وآخذ كراءها حتى أستوفي حقي‏؟‏

قال‏:‏ لا بأس بهذا عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن ارتهنت قناة أو بئرا وإلى جانبها أرض فيها زرع لصاحب البئر فأراد أن يسقي فمنعه من ذلك المرتهن أيكون له ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم ذلك للمرتهن لأنه ان لم يكن له أن يمنعه من ذلك فليس هذا الرهن بمقبول وهذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان أذن المرتهن للراهن أن يسقي زرعه أيكون خارجا من الرهن في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الدار يرتهنها الرجل فيأذن لربها أن يسكن فيها‏؟‏

قال‏:‏ مالك إذا أذن له في ذلك فقد خرجت من الرهن فكذلك مسألتك‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك الدار إذا أذن له أن يكريها فأكراها‏؟‏

قال‏:‏ نعم لان من قول مالك إذا سكنها فقد خرجت من الرهن بكراء كانت أو بغير كراء‏.‏

قلت‏:‏ فمتى يخرج من الرهن إذا سكن أو إذا أذن له‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن إذا أذن له في أن يسكن أو يكري فقد خرجت من الرهن‏.‏

في الرجل يشتري البئر على أنه بالخيار عشرة أيام فانخسفت البئر في ذلك

قلت‏:‏ أرأيت ان اشتريت بئرا على أني بالخيار فيها عشرة أيام ثم انخسفت البئر في أيام الخيار‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ما كان من مصيبة في أيام الخيار فذلك من البائع قال مالك ولا يصلح النقد في بيع الخيار قال مالك وسواء ان كان الخيار للبائع أو للمبتاع فالمصيبة من البائع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان اشتريت عبدا على أني بالخيار أياما فقتل العبد رجلا أيكون لي أن أرده في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان اشتريت من رجل سلعة ثم لقيته بعد يوم أو يومين فجعلت له الخيار أو جعل لي الخيار أيلزم هذا الخيار أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم إذا كان أمرا يجوز في مثله الخيار‏.‏

قلت‏:‏ تحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا وهو رأيي‏.‏

كتاب الحدود في الزنى والقذف والاشربة

الحدود في الزنى والقذف‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن قوما شهدوا على رجل أنه وطىء هذه المرأة وقالت الشهود لا ندري أهي امرأته أو أمته أو غير ذلك أيقيم عليه القاضي الحد أم لا‏؟‏ يقيم عليه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن يقيم عليه الحد إلا أن يقيم البينة أنها امرأته أو جاريته إلا أن يكون قدم بها من بلد غير ذلك البلد فلا أرى عليه شيئا إذا قال هي امرأتي أو أمتي وأقرت له بذلك فلا شيء عليه إلا أن تقوم البينة على خلاف ما قال‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أهل الذمة إذا افتروا على المسلمين أتجلدهم حد الفرية في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم يجلدون حد الفرية ثمانين‏؟‏

قال‏:‏ وأخبرني به من أثق به عن بن شهاب أنه كان يقول في النصراني أنه إذا قذف المسلم ضرب الحد ثمانين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من تزوج خامسة أو امرأة قد طلقها ثلاثا البتة قبل أن تنكح زوجا غيره أو أخته من الرضاعة أو من النسب أو نساء من ذوات المحارم عامدا عارفا بالتحريم أيقام عليه الحد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم يقام عليه الحد‏.‏

قلت‏:‏ فإن جاءت بولد‏؟‏

قال‏:‏ إذا تعمد كما وصفت لك لم يلحق به النسب لأن مالكا‏؟‏ قال لا يجتمع الحد وإثبات النسب‏.‏

قلت‏:‏ والذي يتزوج المرأة في عدتها عامدا يعاقب ولا يحد وكذلك الذي يتزوج المرأة على خالتها أو على عمتها وكذلك نكاح المتعة عامدا لا يحدون في ذلك ويعاقبون‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت في قول مالك أليس كل وطء درأت فيه الحد عن الرجل وان كان ذلك الوطء لا يحل أليس من قذفه يضرب الحد‏؟‏

قال‏:‏ نعم ذلك في رأيي‏.‏

فيمن وطىء جارية لرجل أو امرأة وقال قد اشتريتها أو تزوجتها

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا وطىء أمة رجل وقال الواطىء اشتريتها من سيدها وقال سيدها لم أبعها منك ولا بينة بينهما‏؟‏

قال‏:‏ يحد إذا لم تكن له بينة على الشراء وتحد الجارية معه‏؟‏

قال‏:‏ ولو جاز هذا للناس لم يقم حد أبدا لان مالكا قال في الرجل يوجد مع امرأة يزني بها فيقول تزوجتها وتقول تزوجني وهما مقران بالوطء ولا بينة له ان عليهما الحد فكذلك مسئلتك في الامة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن الذي وطىء الأمة ادعى أن سيدها باعها منه وسيدها ينكر فقال لك استحلف لي سيدها أنه لم يبعها مني فاستحلفته فنكل عن اليمين أتجعل الجارية للمشتري‏؟‏

قال‏:‏ أرد اليمين في قول مالك على الذي ادعى الشراء إذا نكل المدعي عليه الشراء عن اليمين فإذا حلف المدعي جعلت الجارية جاريته ودرأت عنه الحد لأنها قد صارت ملكا له وثبت شراؤه‏.‏

قلت‏:‏ فالذي وطىء المرأة فادعى أنه تزوجها وقالت المرأة تزوجني وقال الولي زوجتها منه برضاها إلا أنا لم نشهد بعد ونحن نريد أن نشهد أيدفع الحد عن هؤلاء في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يدفع الحد عن هؤلاء إلا أن يشهد على النكاح غيرهم‏؟‏

قال‏:‏ وكذلك بلغني عن مالك ان مالكا قال إذا شهد عليهما بالزنى ثم زعم أبوها أو أخوها أنه زوجها لم يقبل قوله إلا أن تقوم بينة على اثبات النكاح‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان حددتهما وهما بكران ثم قالا نحن نقر على نكاحنا الذي حددتنا فيه وقال الولي قد كنت زوجتها ولم أشهد وأنا أشهد لها الآن أيجوز ذلك في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أنه لا يجوز إلا أن يجددا نكاحا بعد الاستبراء‏.‏

قلت‏:‏ لم‏؟‏

قال‏:‏ من قبل أنهما قد حدا في ذلك الوطء‏.‏

قلت‏:‏ هل يستحلف الرجل مع امرأتين ويستحق حقه‏؟‏

قال‏:‏ نعم في الاموال كلها التي تجوز فيها شهادة النساء من الديون والوصايا فإنه يحلف معهما ويستحق حقه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان وطىء جارية ثم قال اشتريتها من سيدها وأقام امرأة تشهد على الشراء أيقيم الحد على الواطىء أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم يقام عليه الحد لانه لم يأت بأمر يقطع به شيئا وشهادة المرأة الواحدة ولا شيء سواء عند مالك لان مالكا حدثني ان امرأة أتت عمر بن الخطاب فقالت يا أمير المؤمنين ان زوجي يطأ جاريتي فأرسل إليه عمر فاعترف بوطئها وقال انها باعتنيها فقال عمر لتأتيني بالبينة أو لأرجمنك بالحجارة فاعترفت المرأة أنها باعتها منه فخلى سبيله فهذا يدلك على أن من ادعى أنه اشترى هذه الجارية التي وطئها وسيدها ينكر البيع أنه يقام عليه الحد إذا شهدوا على الرؤية أو اعترف أنه وطئها وادعى الشراء وأنكر سيدها البيع‏.‏

فيمن دفع إلى امرأته نفقة سنة ثم مات أحدهما

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا دفع إلى امرأته نفقة سنة وقد فرض عليه القاضي نفقتها أولم يفرض عليه ولكنه هو دفع ذلك إليها أو كساها كسوة السنة بفريضة من القاضي أو بغير فريضة ثم ماتت المرأة أو الرجل بعد ذلك بيوم أو يومين أو شهر أو شهرين‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أيهما مات فإنه يرد بقدر ما بقي من السنة ويكون له قدر ما مضى من السنة إلا الكسوة فإني رأيت مالكا يستحسن في الكسوة أن لا تتبع المرأة بشيء منها إذا ماتت المرأة أو مات الرجل بعد أشهر ولم تجعل الكسوة بمنزلة القمح والزيت ولا غير ذلك من النفقة قال مالك في هذا كله يرده على حساب ما بقي من السنة قال مالك فأما الكسوة فلا أرى فيها شيئا لا دراهم ولا غيرها ونزلت بالمدينة وأنا عنده فحكم فيها بما أخبرتك وكان من آخر ما سمعت منه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان ماتت بعد ما دفع إليها الكسوة بعشرة أيام أو نحو ذلك‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أن هذا قريب والوجه الذي قال مالك إنما ذلك إذا مضي للكسوة الأشهر‏.‏

فيمن له شقص في جارية فوطئها

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يكون له الشقص في الجارية فيطؤها ويقر أنه وطئها وهو يعلم أنها لا تحل له أيقام عليه الحد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا حد عليه عند مالك وتقوم عليه إلا أن لا يحب شريكه أن يقوم عليه ويتماسك بحصته فذلك له فإن هي حملت قومت عليه وكانت أم ولد له‏.‏

قلت‏:‏ فهل يكون عليه إذا قومت عليه من الصداق شيء‏؟‏

قال‏:‏ لا ليس عليه من الصداق شيء عند مالك إلا أنه إن كان أتى ذلك وهو غير جاهل أدب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن هي لم تحمل وتماسك شريكه بحصته منها ولم يرض أن أن يقومها عليه أتجعل له عليه من الصداق شيئا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يكون لهذه عند مالك من الصداق شيء‏.‏

قلت‏:‏ ولا ما نقص من ثمنها‏؟‏

قال‏:‏ نعم ولا ما نقص من ثمنها لان القيمة كانت له فتركها وتماسك بنصيبه ناقصا‏.‏

قلت‏:‏ ولم جعلت لشريكه أن يقومها عليه في قول مالك إذا هي لم تحمل وهذه لم تفت‏؟‏

قال‏:‏ لأني درأت فيه الحد فجعلت شريكه مخيرا ان شاء قومها عليه وان شاء تماسك بحصته منها وكذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الجارية تكون بين الشريكين فيعتق أحدهما حصته ولا مال له أو له مال فيطؤها المتماسك بالرق من قبل أن تقوم على شريكه ان كان له مال أتقيم عليه الحد في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا لمكان الرق الذي له فيها لأنها لو ماتت قبل أن تقوم عليه وان كان شريكه موسرا فلا شيء له على شريكه وأرأ الحد عنه بالشبهة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن طاوعته أيكون عليه من الصداق شيء أم لا‏؟‏ أو مما نقصها‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون عليه في الوجهين جميعا شيء إذا طاوعته ألا ترى أنه إن كان وطؤه إياها عيبا دخل فيها فإنما ذلك على السيد الذي وطىء لان الرق له فيها وهي طاوعته فلا شيء لها عليه في النصف الذي كان يكون لها مما ينقصها من قيمتها وان هو استكرهها كان عليه نصف ما نقص من ثمنها ولا شيء عليه من الصداق لأن مالكا قال لي في الأمة يكون نصفها حرا ونصفها مملوكا فيجرحها رجل ان عقل ذلك الجرح بينها وبين سيدها الذي له فيها الرق وإنما قيمة جرحها قيمة جرح أمة‏؟‏

قال‏:‏ وقال لي مالك أيما رجل اغتصب أمة فوطئها فإنما عليه ما نقصها مع الحدج فهذه وان كان بعضها حرا فالذي وطئها ليس عليه إلا ما نقصها إذا كان استكرهها لأنه لو كان أجنبيا غصبها لم يكن عليه أيضا إلا ما نقص من ثمنها لأن الحر منها تبع للرق منها فإذا أخذت ذلك كان لها النصف وللسيد المتمسك بالرق النصف وإنما أعطينا السيد المتمسك بالرق النصف لأنها لو جرحت جرحا ينقصها كان له نصفه ولو جرحت هي كان عليه نصف ما جرحت أو يسلم نصفه وكذلك ما وجب لها في اغتصابها نفسها ما نقصها وفي الجراحات إنما فيها ما نقصها ولا يشبه ما قضى به لها في الاغتصاب مهرها الذي تتزوج به بإذن سيدها لان مهرها بمنزلة الاموال التي تستفيدها وهو موقوف في يديها بمنزلة ما استفادت من الاموال‏.‏

قلت‏:‏ ومن يزوج هذه الامة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ سيدها المتمسك بالرق وليس للآخر في تزويجها قليل ولا كثير قال مالك ولا يزوجها هذا المتمسك بالرق إلا برضاها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت هذه الامة لو أن أحدهما أعتق جميعها فوطئها الباقي وللمعتق مال أو لا مال له‏؟‏

قال‏:‏ ان لم يكن له مال لم يحد الواطئ للرق الذي فيها لانه لا عتق لشريكه إذا كان معدما وان كان المعتق موسرا نظر فإن كان الواطىء ممن يعذر بالجهالة ولا يرى أن عتق الموسر يلزمه لم يكن عليه حد وان كان ممن يعلم ان ذلك يلزمه وكان المعتق موسرا رأيت عليه الحد وذلك أني سألت مالكا عن الجارية بين الرجلين يعتقها أحدهما كلها قال مالك ذلك يلزم شريكه إذا كان للمعتق مال وليس لشريكه أن يأبى ذلك عليه قال ابن القاسم ولو أعتق الشريك الباقي حصته بعد عتق المعتق الجميع لم يكن له فيها عتق فلذلك رأيت عليه الحد‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن الذي أعتق جميعها وهو موسر لم يقم عليه بتضمين نصف القيمة حتى أعسر وصار معدما‏؟‏

قال‏:‏ ان كان السيد المتمسك علم بعتقه فتركه ولو شاء أن يقوم ذلك عليه فيأخذه أخذه فالعتق ماض ويصير نصف القيمة دينا عليه وإن كان غائبا أو لم يعلم بالعتق حتى أعسر المعتق رأيته على حقه منها وإنما الذي لا يكون له شيء إذا ترك أن يأخذ حقه ولو شاء أن يقوم على ذلك فيأخذه أخذه فتركه حتى أعسر فالعتق ماض ونصف القيمة دين عليه‏.‏

في الرجل يطأ مكاتبته طوعا أو غصبا

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يطأ مكاتبته يغصبها أو طاوعته أيكون عليه الحد في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا حد عليه وينكل إذا كان ممن لا يعذر بالجهالة‏.‏

قلت‏:‏ أفيكون عليه ما نقص من ثمنها ان غصبها أو صداق مثلها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ أرى عليه ما نقصها إذا كان غصبها وقال لي مالك ولا أرى لها في ذلك صداقا قال ابن القاسم ولم أسأله عن الاعتصار وإنما سألته عن رجل يطأ مكاتبته فقال لا صداق لها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المكاتبة بين الرجلين يطؤها أحدهما أيكون عليه الحد في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا حد عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يطلق امرأته ثلاثا فيطؤها في العدة ويقول ظننت أنها تحل لي أو تعتق أم ولده فيطؤها في العدة ويقول ظننت أنها تحل لي‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الرجل يطلق امرأته تطليقة قبل البناء بها فيطؤها بعد التطليقة ويقول ظننت أن الواحدة لا تبينها مني وأنه لا يبرئها مني إلا الثلاث‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لها صداق واحد قال ابن القاسم وليس عليه الحد إذا عذر بالجهالة فأرى في مسألتك إذا كان ممن يعذر بالجهالة أن يدرأ عنه الحد لأن مالكا قال في الرجل يتزوج الخامسة ان كان ممن يعذر بالجهالة ممن يظن أنه لم يعرف أن ما بعد الاربع ليس مما حرم الله أو يتزوج أخته من الرضاعة على هذا الوجه فإن مالكا درأ الحد عن هؤلاء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الذي وطىء في العدة بعد الطلاق ثلاثا أو بعد عتق أم ولده وطئها في عدتها أيكون عليه صداق سوى الصداق الاول ويوجب لام ولده عليه الصداق أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أرى أن لا يكون عليه إلا الصداق الاول ألا ترى لو أن رجلا حلف بطلاق امرأته البتة ثم حنث ونسي حنثه ثم وطئها بعد الحنث زمانا ثم ذكر أنه قد حنث منذ زمان وأقر بذلك قال مالك إنما عليه صداق واحد الصداق الذي سمي فكذلك مسألتك‏.‏

قلت‏:‏ هذا في الطلاق أدخلت الوطء الثاني في الصداق المسمى أولا أرأيت الذي أعتق أم ولده أيدخل وطء الحرية في الملك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا عذر بالجهالة ألا ترى لو أن رجلا حلف بعتق جارية له أو أم ولد فحنث وهو لا يعلم أو نسي يمينه فحنث ثم وطئها بعد ذلك زمانا ثم ذكر أنه قد كان حنث أنه لا صداق عليه تعتق عليه ولا شيء عليه فكذلك مسألتك في أم الولد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل ترتد أم ولده فيطؤها وهو فقيه عالم لا يجهل أنها لا تحل له في حال ارتدادها أتقيم عليه الحد في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يحد في رأيي لأن ما ملكت اليمين عند مالك لاحد على السيد في ذلك وان كانت لا تحل له ولو كانت أمه أو أخته من الرضاعة أو كانت خالته فوطئها بملك اليمين عامدا عارفا بالتحريم‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لاحد عليه ويلحق به الولد وإنما دفع الحد عنه ها هنا للملك الذي له في ذلك ولكن ينكل عقوبة موجعة‏.‏